يحتوي الجزء 3 على ثلاثة مَقاطِع كتابيَّة. المَقطَع الأوّل (3: 21-31): يُوضِّح أنَّ الإنسان يجب أنْ يتبرَّر بطريقة يُدبِّرها الله، إذ لا يُمكِن تبرير الإنسان على أساس ما فَعَلَهُ. المَقطَع الثّاني (رومية 4): يستخدِم إبراهيم وداود كمِثالَيْن على الإيمان الذي يُبرِّر، مُبَيِّنًا أنَّ هذه العقيدة ليست جديدة. المَقطَع الثّالث (رومية 5): يشرح كيف تُمكِّن ذبيحة المسيح هذا النّوع من التّبرير. في هذا الدرس، سنَدرِس هذه المَقاطِع الثّلاثة.
النّقطة الرئيسيَّة في (3: 21-5: 21)
إنَّ تدبير الله لخلاص الإنسان هو ذبيحة المسيح، التي تُبرِّر بالنّعمة من خلال الإيمان.
دراسة مَقطَع كتابيّ - رومية الجزء 3 ، المقطع 1
النقطة الرئيسيَّة في (3: 21-31)
وسيلة الله للتّبرير هي النّعمة بالإيمان، أمّا التّبرير بالأعمال فهو مستحيل.
مُلَخَّص (3: 21-31)
بما أنَّه لا أحَد بارّ بمُقتضى حِفْظ النّاموس بطريقة دائمة، فلابُد من إيجاد وسيلة أخرى للتّبرير. المُعضِلَة (المُوضَّحة في 3: 26) هي تبرير الله للخاطئ، ويكون في نفْس الوقت قاضِيًا عادِلًا. ويتِمّ حَلّ هذه المُعضِلة بالكَفّارة؛ فقد قَدَّمَ الله ذبيحةً كأساس للغُفران. ومن هُنا يستطيع أنْ يغفِر لمَن يُؤمِن، لكن الذّبيحة تُظهِر أنَّ الله اعتَبَرَ الخطيَّة أمْرًا خطيرًا.
◄ يجب أن يقرأ أحَدُ الطَّلَبة (رومية 3: 21-31) للمجموعة.
ملاحظات آية بآية
(3: 21) البِرّ المقبول عند الله يتِمّ بعيدًا عن النّاموس. يقول الرسول بولس إنَّ هذه الفكرة ليست جديدة، بل هي من تعليم النّاموس والأنبياء. "وأمّا الآن" فتُشير إلى وقت الإعلان الكامل للإنجيل في المسيح، كما تقول الآية التّالية. (اُنظُر أيضًا 3: 25).
(3: 23-22) لا فَرْق بين طريقة خلاص اليهود والأمم، إذ يُدانون بالتّساوي. حتى في إسرائيل القديمة، عندما اتّبَعوا الطُّقوس التي أعطاها الله لهُم، لم يِخلُص أحَدٌ أبدًا بالذّبائح والطُّقوس. كلّ مَن خَلُصَ، خَلُصَ بقبوله النّعمة بالإيمان. (اُنظُر 3: 30).
الخلاص للجميع هو بالإيمان. وقد استُخدِمَ مُصطَلَح "الجميع" عِدّة مَرّات هُنا. فكما أنَّ الجميع أخطأوا، فكلّ مَن يُؤمِن يَخلُص. عبارة "كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ" هي تأكيد على انفتاح العَرْض، تمامًا كما أنَّ عبارة "بِإِيمَانٍ، لإِيمَانٍ" تُؤكِّد على شَرْط الإيمان (1: 17).
(3: 24) النّعمة مَجّانيَّة لنا لأنَّ يسوع دَفَعَ ثَمَنَ الفداء.
(3: 25) إنَّ الخطايا السّابقة هي الخطايا التي تَمّ ارتكابها قَبل مجيء المسيح. لم يُكفَّر عنها بشَعائر دِينيَّة، بل بموت المسيح، مع أنَّ مَوتَه كان لا يَزال مُستقبَليًا عند ارتكاب الخطايا. غَفَرَ الله لهُم على أساس كَفّارة المسيح قبل حُدوثها، لأنَّ كَفّارة المسيح كان مُخطَّطًا لها منذ البداية. (اُنظُر 3: 21).
أظهَرَت الكَفّارة أنَّ الله بارٌّ، مع أنَّ عَدالته لم تَكُن فَوريَّة. كما أظهَرَت أنَّ الله يأخُذ الخطيَّة على مَحمَل الجَد.
(3: 26) تُظهِر هذه الآية حَلَّ المُعضِلة الكُبرى: كيف يكون الله عادِلًا وفي الوقت نفْسِه يُبرِّر الخاطئ؟ لقد مَهَّدَت الكّفّارة الطّريق. حيث دَبَّرَ الله ذبيحةً كأساس للغُفران. يستطيع أنْ يغفِر لمَن يُؤمِن، لكن الذّبيحة تُظهِر أنَّ الله اعتَبَرَ الخطيَّة أمْرًا خطيرًا.
◄ ما المشكلة التي ستَحدُث إذا غَفَرَ الله للناس دون كَفّارة؟
الله هو قاضي الكَوْن العادِل. وقد أعلَنَ أنَّ الخطيَّة خاطئة لدرجة أنَّ لها عقوبة أبديَّة. حيث إنَّ البَشَر مُنفصِلون عن الله بسبب الخطيَّة. الله مسؤول عن العَدْل المُطلَق في الكَوْن، ومكافأة الصِّدّيقين ومُعاقَبة فاعلي الشَّر.
إنَّ الغُفران بلا أساس يتعارَض مع هويَّة الله، ويُسيء إليه بإظهاره متناقِضًا في رَدّ فِعْله على الخطيَّة. سيبدو ظالِمًا إذا عاقَبَ بعض الناس وغَفَرَ لآخَرين. هذه ليست مشكلة هَيّنة، فالكَوْن كلّه موجود لتمجيد الله. فكيف يُمَجِّد الناس الله بصِدْق إذا لم يعتقدوا أنَّه عادِل؟
كان لابُد أنْ يكون الحَلّ شيئًا يُظهِر خُطورة الخطيَّة، ويُقدِّم سَببًا للغُفران، ويُظهِر طبيعة الله؛ حتى يتمكَّن الناس من الاستمرار في تكريم الله كقُدّوس وعادِل.
الكَفّارة تُلبّي هذا الاحتياج. حيث أظهَرَت ذبيحة يسوع على الصليب خُطورة الخطيَّة. وضرورة التّوبة تَجعل الخاطئ يُقِرُّ بِشَرِّ خطيَّته. إنَّ عطيّة الخلاص المَجّانيَّة للجميع تَجعل الاختيار فَردِيًا، بحيث يكون من العدل أنْ يغفر الله لمَن يقبَله ولا يغفر لمَن يرفضه.
لماذا لا يغفر لمَن لا يتوب؟ إنَّ مُسامَحة مَن يستمر في الخطيَّة دون توبة تُحبِط هدف الكَفّارة: مَنْح الغُفران، مع إظهار عَدالة الله.
(3: 27) لا أساس لمَدْح الذّات على نَوال الخلاص. كان هناك بعض الناس يعتقدون أنَّ الشخص يُصبِح مُتكبّرًا إذا ادّعى أنَّه يَعلَم أنَّه مُخلَّص. لكن مَنْ يَعلَم أنَّه نال الغفران بفَضْل النّعمة، لديه سَبب للتّواضُع، لا للكبرياء.
(3: 28) لا يعتمد التّبرير على البِرّ السّابق.يعني التّبرير أنَّ الخاطئ الذي يتوب ويُؤمِن يُحسَب بارًا كما لو أنَّه لم يُخطئ. تبدأ حياة الطّاعة لله بالتّبرير، وليس قَبْله. لا يمكن للإنسان أنْ يُغيِّر حياته بهدف أنْ يُصبِح مقبولًا لدى الله. فهو مقبول بالفعل لدى الله بكَفّارة المسيح، ولا سبيل آخَر.
(3: 30-29) تَربط هذه الآيات المَقطَع بموضوع السِّفر. الرسالة مُوجَّهة للعالَم أجمع. هذا التّطبيق الشّامل للإنجيل قائم على التّوحيد. ولأنَّ هناك إلهًا واحدًا فقط، فإنَّ مَقاصِده تنطبِق على البشريَّة بالكامل، على عَكْس إله مَحَلّي قد يهتم بأُمّة أو عشيرة واحدة فقط. كان قَصْد الله دائمًا أنْ يُشارِك إسرائيل معرفة الله مع الأمم (إشعياء 42: 6، إشعياء 43: 21، إشعياء 49: 6).
[1]◄ قال الرسول بولس إنَّ التّبرير بالإيمان لا ينقُض النّاموس، بل يُثبِّته. كيف ذلك؟
(3: 31)عندما يتوب شخص ما عن خطيَّته ويبدأ في العيش في طاعة، فإنَّه يُؤيِّد الشّريعة كمِعيار للبِرّ. أي نظريَّة للكَفّارة والتّبرير تجعل النّاموس لا علاقة له بالمسيحيّ، لا تتَّفق مع هذه الآية.[2]إذا طَلَبَ شخص ما الغُفران، ولكنّه لا يَنوي البَدء في طاعة الله، فهذا يدُل على أنَّه لا يفهم شَرّ الخطيَّة والسبب الحقيقي لحاجته إلى الغُفران. إنَّه يُحاوِل نوال بركات الخلاص بمجرّد التّظاهُر باحترام النّاموس.
لا أحَد يُثبِّت الشّريعة تمامًا إلا مَنْ يتوب ويبتعد عن الخطيَّة، ويثق بيسوع للخلاص.
- جورج ماكلولين، شَرْح رسالة رومية
[2]توضِّح عظتا چون ويسلي بعنوان The Law Established by Faith”" هذه المفاهيم شَرْحًا وافِيًا. (اُنظُر قِسْم "القراءات المُوصَى بها" في نهاية هذا المَساق).
دراسة مَقطَع كتابيّ - رومية الجزء 3، المَقطَع 2
النُّقطة الأساسيَّة للإصحاح 4
إبراهيم، الذي اختاره الله ليكون أبًا لشعب الله، قد تَبرَّرَ بالإيمان.
مُلَخَّص الإصحاح 4
مبدأ التّبرير بالنّعمة بالإيمان راسِخٌ في العهد القديم. حيث إنَّ إبراهيم، الذي اختاره الله ليكون أبًا لشعب الله، تَبرَّر بالإيمان. كما فهم المَلِك داود معنى التّبرير بالنّعمة. لم يكن الختان وسيلةً للخلاص، بل أُعطِي لاحِقًا كعلامة على الإيمان الذي كان لدَى إبراهيم. وأصبَحَ إبراهيم أبًا ومِثالًا لكلّ مَن سيخلُصون لاحِقًا بالإيمان.
◄ يجب أن يقرأ أحَدُ الطَّلَبة رومية 4 للمجموعة.
ملاحظات آية بآية
(4: 1) كان إبراهيم الأب البيولوچيّ لليهود. السّؤال هو: "ما الذي نالَه إبراهيم تحديدًا؟" سيتِمّ الإجابة على هذا السّؤال للإجابة على السّؤالَيْن: "مَن يُمكِنه أنْ يرِث الأمْر الذي نالَه؟" و"كيف نَرِثه؟"
(4: 2) إنَّ نظَريَّة الخلاص بالأعمال تُؤدّي بطبيعة الحال إلى الكبرياء.
◄ ما الإيمان الذي كان لدَى إبراهيم، والذي اُعتُبِر إيمانًا مُخلِّصًا؟
(4: 3) لم يكن إبراهيم على عِلمٍ بخطَّة الخلاص كاملةً، ولذلك لم يستطِع أنْ يضَع إيمانه في كَفّارة المسيح. ومع ذلك، فقد آمَنَ بوَعْد الله كما أُعلَنَ. إنَّ الجزء من الوَعْد المذكور في هذا الإصحاح هو أنَّ إبراهيم سيكون أبًا لأمم كثيرة (4: 17-18)، لكن بَقِيَّة الوَعْدأنَّ جميع شعوب الأرض ستتبارك من خلال نَسْله (تكوين 12: 2-3، تكوين 22: 17-18). وتَكرَّرَ الوَعْد ليعقوب (تكوين 28: 14). من خلال نَسْل إبراهيم، ستُقدَّم نِعمة الله لجميع شعوب الأرض. كان هذا وَعْد الله بالنّعمة لإبراهيم. كان وَعْدًا بالنّعمة مُقدَّمًا للجميع.
وقد تبرَّر إبراهيم لأنَّه آمَنَ بوَعْد الله بالنّعمة. كان تبريره مِثْل تبريرنا، مع أنَّ إيماننا له محتويات أكثر.
(4: 4) إذا كان الشخص يعمل من أجل خَلاصِه، فإنَّ الخلاص ليس هِبةً. بل هو مديون بحساب يُحاوِل سداده (اُنظُر رومية 11: 6).
(4: 5) مَن لا يعمل ليس شخصًا لا يهتم بطاعة الله، بل هو شخص لا يعمل كوسيلة للخلاص. فبَدَلًا من الاعتماد على أعماله لدخول السّماء، يُؤمِن بوَعْد الله بخَلاصِه.
(4: 8-6) أشارَ داود أيضًا إلى التّبرير بالإيمانعندما وَصَفَ قبول الله الذي يعتمد على غُفران الخطايا. لن يحسِب الله ذَنْبًا عن خطايا الماضي للمؤمن. يُظهِر الرسول بولس أنَّ عقيدة التّبرير بالنّعمة بالإيمان ليست فكرة جديدة - حتى المَلِك داود فَهِمها.
كيف نعرف أنَّ هذا يُشير إلى خطايا الماضي، وليس إلى الخطايا المُستمِرّة في الحاضر؟ تقول (رومية 6: 2) إنَّه بما أنَّنا أموات عن الخطيَّة، فإنَّنا لا نعيش فيها بَعد. وبذلك تَدحَض (رومية 6) بأكملها فكرة أنَّنا يمكن أنْ نعيش في الخطيَّة بينما نتبرَّر بالإيمان. (اُنظُر أيضًا رومية 5: 6-8: "إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ"، "وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ"، ممَّا يعني أنَّنا الآن لدينا قوة، ولسنا خُطاة كما كنَّا من قَبْل - فنحن مُبرَّرون ومتغيِّرون.)
(4: 9) يطرح هذا السؤال موضوع كيفيَّة وُصول الشخص إلى هذه الحالة من التّبرير بالإيمان. هل تقتصِر هذه البَرَكَة على المختونين فقط؟
◄ أيُّهما جاء أوّلًا: النّاموس أَم النّعمة؟
(4: 12-10) لم يكُن إبراهيم مختونًا عندما نالَ النّعمة. وقد جاء الخِتان لاحِقًا. لذلك، من الممكن لشخص غير مختون أنْ ينال النّعمة بالإيمان. إبراهيم هو الأب الرّوحيّ لمَن يَتبعون مِثاله (يسيرون على خُطاه) في الإيمان، حتى لو لم يكونوا مختونين. أصحاب الإيمان المُخلِّص هُم أبناء إبراهيم الرّوحيّون. وأمّا بنو إسرائيل فليسوا أبناءه الرّوحيّون، إلّا إذا آمَنوا، مع أنَّهم من نَسْله بيولوچيًا.
(4: 14-13) مَن يرِث بَرَكَة إبراهيم؟ إنْ كانوا مَن يَحفظون النّاموس، فلن تكون البَرَكَة بالإيمان بالوَعْد.
(4: 15) النّاموس وسيلة للدّينونة، لأنَّه يكشِف الخطيَّة. وليس وسيلة لنَوال النّعمة. لو لم يكُن هناك ناموس، لَمَا كان هناك انتهاك له. لا يتحدَّث بولس تحديدًا عن ناموس موسى، بل عن مُتطلِّبات الله للبشريَّة بالكامل. فلا يوجد مكان تكون فيه مُتطلِّبات الله مجهولة تمامًا (1: 20).
(4: 17-16) كان لإبراهيم ذُرّيَّة بيولوچيَّة كبيرة شَكَّلَت أُمَمًا مختلفة. ومع ذلك، يقول الرسول هُنا إنَّ إبراهيم كان أبًا للكثيرين لأنَّه أبٌ لكلّ مَن يُؤمِن.
يتِمّ قبول الخلاص بالإيمان حتى يمكن مَنْحه بالنّعمة. لو تطلَّب الأمر أيّ فِعْل ليكون المتلقّي مُستحِقًا، لَمَا كان ذلك بالنّعمة تمامًا. ولأنَّه بالنّعمة، يجب أنْ يُقبَل بالإيمان فقط. مَن يحاول اكتسابه لا يفهم الخلاص.
◄ ماذا كان وَعْد الله لإبراهيم؟ كيف كان ذلك مُشابِهًا لوَعْد الخلاص الذي ننالُه؟
(4: 19-18) آمَنَ إبراهيم بالله حتى عندما لم يكُن في ظروفه ما يُعطيه رَجاءً. كان جَسَده كالميّت فيما يتعلَّق بقُدرته على الإنجاب. وكانت سارة قد تجاوَزَت السّن الذي يمكِّنَها جَسَدِيًا من الإنجاب. لكن الإيمان الحقيقي لا يعتمد على الظروف.
هذا الإيمان يُناقِض الثّقة بالأعمال. وهذا يُفسِّر لماذا يُعتَبَر إسماعيل، ابن هاجر، مِثالًا على الخلاص بالأعمال (غلاطية 4: 22-31). لقد تمَّت ولادة إسماعيل جسديًا، وليس بالإيمان. الخلاص بالوَعد، ثُمّ الإيمان، ثُمّ المعجزة.
(4: 21-24) يتِمّ تمجيد الله بثقة الإنسان به، وليس بقوة الإنسان.
(4: 22) اُنظُر الملاحظات على الآية 3.
◄ هل ننال نَفْس الخلاص الذي نالَه إبراهيم؟
(4: 25-23) إيمان إبراهيم هو مِثالٌ لنا. فلم يكُن يعلَم خطة الخلاص بالكامل، بل آمَنَ بالجزء الذي أُعلِنَ له. يجب علينا أنْ نؤمن بالتّفاصيل المُعلَنة من خطة الخلاص التي لم يكُن إبراهيم يَعلَمها: أي مَوتِ المسيح وقيامته. تُظهِر هذه الآيات أنَّنا ننال نَفْس التّبرير الذي ناله إبراهيم، لأنَّه يقول إنَّ البِر نُسِبَ إليه، وسيُنسَبُ إلينا على نَفْس الأساس.
دراسة مَقطَع كتابيّ - رومية الجزء 3، المَقطَع 3
النُّقطة الأساسيَّة للإصحاح 5
قد عَكَسَ المسيح بموته وقيامته نتائج الخطيَّة، جالِبًا المُصالحة والبِرّ والحياة.
مُلَخَّص الإصحاح 5
والآن، وقد تبرَّرنا بالإيمان، فقد تصالَحْنا مع الله بالمسيح (5: 1). تُقدِّم عِبارة "بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" موضوع الإصحاح: فعَاليَّة عَمَل المسيح الكَفّارِيّ. لقد أَخضَعَت خطيَّة آدم العالَم للخطيَّة والموت، وكلّ مَن بَعده ارتَكَبَ خطيَّة. أمّا كفّارة المسيح فقد عَكَسَت آثارَ الخطيَّة.
◄ يجب أن يقرأ أحَدُ الطَّلَبة (رومية 5) للمجموعة.
ملاحظات آية بآية
(5: 2-1أ) تربِط هذه الآية القِسْم السّابق بهذا القِسم. موضوع هذا الإصحاح هو فَعَاليَّة عَمَل المسيح. ويُشير السّلام إلى المُصالًحة مع الله - إزالة العداوة، وإبعاد الغضب.[1]
قال يسوع إنَّه الباب (يوحنا 10: 9). تقول هذه الآية شيئًا مُشابِهًا، لأنَّه به ندخل إلى النّعمة بالإيمان. فهو الطّريق والحق والحياة (يوحنا 14: 6).
(5: 2ب-5) تَصِف هذه الآيات تجربة المؤمن وهو يعيش في النّعمة.
قال بولس إنَّ فرَحَنا نابِعٌ من رجاء أنْ نختبر مَجْد الله. وقال إنَّه يُمكِنُنا أنْ نفرح حتى في الضّيقات.
يمكن للمسيحيّ أنْ يستمتع بالأمور الصّغيرة (ظروف الحياة) ويتحمَّلها، لأنَّ الأمور الكبيرة مضمونة. ويُحاوِل غير المؤمن أنْ يأخُذ الفَرَح من الأشياء التي في الحياة. لكن هذه الأشياء لا تكفي أبدًا لإشباع رَغَباته؛ فهي تَمُرّ بسُرعة. لن تكون ظروف الحياة سيّئة للغاية إذا كانت رحلة، لكنها تبدو بائسة إذا لم يكن هناك شيء آخَر.
إن الصّبْر على الضّيقات بأمانة يُحقِّق تطوُّرًا للمُؤمن. (اُنظُر أيضًا يعقوب 1: 2-4). فعندما نتحمَّل الضيقات بالإيمان، نُنَمِّي الصّبر. والصّبر ليس مُجرَّد استعداد للانتظار؛ بل هو القُدرة على التّحمُّل بالإيمان. وبينما نُمارِس هذا الإيمان بصَبر، نستمر في اختبار وملاحظة عَمَل الله الذي يمنحنا الرّجاء. ونَعلَم أنَّ مَقاصِد الله تتحقَّق حتى عندما تبدو الظّروف سيّئة.
◄ كيف تُشجِّع نَفْسك عندما تكون في ظروف سيّئة؟
نحن نَعلَم أنَّ رجاءنا لن يَخيب، لأنَّنا نَختبِر بالفعل محبة الله في قلوبنا بالروح القدس. في (أفسس 1: 13-14)، قال بولس إنَّ الروح القدس هو اليقين بأنَّ الله سيُحقِّق كلّ ما وَعَدَ به. الروح القدس بمثابة عربون عَقْد.
يؤكِّد المَقطَع الكتابيّ (5: 6-10) أنَّنا أثناء تبريرنا لم نكُن نستحِقه، ولم نكُن قادِرين على تحقيقه. كُنّا بلا قوة، ولا نَزال خُطاة وأعداء.
(5: 6) أنْ نكون ضُعفاء يعني أنَّنا غير قادِرين على خلاص أنفسِنا، وخاصّةً بإتمام مُتطلِّبات النّاموس. كُنّا عاجِزين عن إتمام مُتطَلِّبات الله، أو تخليص أنفُسِنا من الخطيَّة.
(5: 8-7) من النّادر أنْ يموت أحَدٌ حتى من أجل رَجُلٍ صالِح، لكن المسيح ماتَ من أجلنا ونحن خُطاة.
(5: 10-9) المسيح يحيا كوسيطًا لنا ومُحامينا. يرى بولس أنَّه إذا كان الله مُستعِدًا للغُفران عندما كُنَّا خُطاة، فسنكون أكثر ثِقةً برحمته الآن، إذ قد تَبرَّرنا في المسيح. لقد تَصالَحْنا بموته من أجلنا، ونظل مقبولين لدى الله باتّصالنا بالمسيح الحيّ.
محبة الله لا سبَب لها، ولا قياس لها، ولا نهاية لها.
هل نحن مُذنِبون بخطيَّة آدم؟
◄ هل نحن مُذنِبون بخطيَّة آدم؟ اشرح إجابتك.
تقول (رومية 5: 12-19) إنَّ البشريَّة جمعاء خَضَعَت للخطيَّة والموت بسبب خطيَّة آدم. هل نحن مُذنِبون شخصِيًا بخطيَّة آدم؟ هل يُعاقَب الخطاة على خطيَّة آدم؟
لم يقُل بولس إنَّ الخطاة سيُعاقَبون على خطيَّة آدم. لكن في (5: 12) قال إنَّ الموت قد انتقَلَ إلى جميع البَشَر لأنَّ الجميع أخطأوا. كلّ شخص مُذنِب بشكلٍ فرديّ بخطيَّته. أكَّدَتْ (رومية 1-2) بالفِعل أنَّ البَشَر بحاجة إلى التّبرير لأنَّهم خُطاة خالَفوا شريعة الله. لا يُدان الناس على حالَتِهم التي وُلِدوا عليها، بل لاختيارهم الخَطيَّة. الدّينونة هي حسب الأعمال (رؤيا 20: 12، رومية 2: 6-16، 2 كورنثوس 5: 10).
ولكن من خلال آدم، دَخَلَت الخطيَّة إلى العالم بصفته أبًا للبشريَّة جَمعاء التي لم تُولَد بعد، فَصَلَ البشريَّة عن الله. سيُولَد جميع البشر بعد ذلك مُنفصِلين عن الله، وبالتّالي فاسِدين. بسبب خطيَّة آدم، وُلِد جميع الناس بمَيْل إلى الخطيَّة، وقد تبِعوها جميعًا بارتكاب أعمال الخطية.
لم يَقُل بولس إنَّنا مُذنِبون بخطيَّة آدم؛ بل إنَّ آدم هو مَن أدخَلَ الخطيَّة، وتبِعَه الجميع. يحتاج الخُطاة إلى غُفران خطاياهم الكثيرة (5: 16)، وليس خطيَّة آدم.
دراسة مَقطَع كتابيّ - رومية الجزء 3، المَقطَع 3
استكمال ملاحظات آية بآية
(5: 12) إنَّ سبب انتشار الموت بين جميع البَشَر ليس أنَّ ذَنْب آدم قد نُسِبَ إليهم، بل لأنَّ الجميع أخطأوا. آدم هو من أدخَلَ الخطيَّة إلى العالَم، وأثَّرَ بها على نَسْلِه.
(5: 14-13) لم تُكشَف الخطيَّة وتُدان بوضوح إلّا بالنّاموس. ومع ذلك، حتى قَبل أنْ يستلِم موسى النّاموس، كان الموت يحكُم. كان الناس يَعلمون أنَّهم مُذنِبون بالخطيَّة، حتى في غياب الوضوح الذي يمنحه النّاموس (انظر 1: 20). يُظهِر النّاموس المدى الحقيقيّ للخطيَّة. تُشِير الخطيَّة، كخطيَّة آدم، إلى العِصيان المُتعَمَّد للنّاموس المُوحَى به. أولئك اللذين لم يُوحَ لهم ليس لديهم خَيار واضح، ومع ذلك لم يتّبعوا ضمائرهم تمامًا (1: 21).
(5: 15) جَلَبَ عَمَلُ آدم الموتَ لكثيرين، وأمّا عَمَلُ المسيح فجَلَبَ الحياة للكثيرين. يُشير مُصطَلَح "الْكَثِيرُونَ" إلى الجميع بشكلٍ عام. التّركيز هنا هو على أنَّ كَفّارة المسيح كانت أبعد أثرًا من خطيَّة آدم. تقول هذه الآية إنَّه كما تسبّبَت خطيَّة آدم في أنْ يُصبِح الجميع خُطاة، فإنَّ كَفّارة المسيح تَمنَح نعمةً للجميع. يَمنَح الله نعمةً لكلّ مَن أصبَحَ خاطئًا بسقوط آدم.
◄ من الآية 15، كيف تُجيب مَن يعتقد أنَّ الله لم يَمنَح الخلاص إلّا لنِسبة ضئيلة من البشريَّة؟
(5: 16) كانت الخطيَّة الأصليَّة فِعلًا واحدًا، لكن صارَت النّعمة ضروريَّة لكثير من الخطايا. لابُد أنَّ النّعمة أعظم بكثير من الخطيَّة الأصليَّة.
(5: 19-17) جُعِل كثيرون خُطاة بسبب آثار خطيَّة آدم. وسيُبرِّرهم المسيح. وهذا يعني أنَّهم قد تغيَّروا.
(5: 20) يُكثِّر النّاموس الخطيَّة، بمعنى أنَّه يُكوِّن قائمة طويلة من المُخالَفات، في حين أنَّه بدونه لم تكن تُعرَف إلّا بِضْع خطايا. كما أنَّه يُكثِّر الخطيَّة، بمعنى أنَّه بَعد أنْ يعرِف الشخص النّاموس، ويختار رَفْضه، يُصبِح خاطئًا أسوأ من ذي قَبْل. هذه هي الحالة الموصوفة في (7: 5-24). لكن النّعمة تَضاعَفَت فوق كلّ خطيَّة.
ما أعجبَ النّعمة
كان لدَى چون نيوتن أُم مسيحيَّة، لكنّه أَصبَحَ بحَّارًا ورُبّان سفينة، فغَرِقَ في خطيَّة عميقة. عانَى ظروفًا قاسية في حياته. خانَه أصدقاؤه، وأصبَحَ عَبدًا لفترة. وعندما تَحَسَّنت حالته، استمرّ في الخطيَّة، وساهَمَ في تدمير حياة الكثيرين بتجارة الرقيق. كان قائد سفينة عبيد لسنوات. في إحدى المرّات، تحطَّمَت سفينته، وتقطَّعَت به السُّبُل على جزيرة، لكن أنقَذَه رُبّان كان صديقًا لوالده. شَعَرَ نيوتن برحمة الله عليه رغم شّرّه. لاحِقًا، هَبَّت عاصفة شديدة على السّفينة، فطَلَبَ الرّحمة من الله. نجَت السّفينة من العاصِفة، واستمَرّ نيوتن في الاتّكال على الله طَلَبًا للرّحمة. في النّهاية، تَرَك البَحر وأصبَحَ راعيًا. إحدى التّرانيم التي كتبها هي الأكثر ترديدًا وتسجيلًا على الإطلاق، وهي "ما أعجبَ النّعمة!"
قال نيوتن في شهادته: "لقد أخرَجَني الله برحمته من طين الوَحْل العميق، وأقامَ قَدَمَيَّ على الصّخرة، المسيح يسوع. لقد خَلَّصَ نفسي. والآن، يغمُرني الشّوق إلى تمجيد نعمته الفريدة، الحُرّة، السّياديَّة، والمُتميِّزة، وإكرامها، لأنَّه "بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا" (1 كورنثوس 15: 10). إنَّه لفَرَح قلبي العظيم أنْ أنسِب خلاصي كُليًّا إلى نعمة الله."[1]
(9) كيف نعرف مِن رومية 15:5 أنَّ الخلاص مُقَّدم لكل شخص؟
واجب الدرس 5
اكتُب صفحة عن التّبرير تتضمَّن إجابات الأسئلة التّالية: ما هي المُعضِلة التي حلَّتها الكَفّارة؟ لماذا لا يمكن أنْ يَخلُص الخاطئ بالطّاعة؟ كيف بَرْهَنَ إبراهيم على التّبرير بالإيمان؟ كيف نَعرِف أنَّ الخلاص مُتاح للجميع؟
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.